إن الأصوات التي تنادي اليوم بالفقه مصدراً للتشريع إنما برهان قاطع على عجز جميع الأنظمة البشرية عن اكتشاف الدواء لما في كل مجتمع من خلل. وجهود مجامع الفقه الإسلامي من مكانها في تشييد صرح الفقه الإسلامي في المجتمعات الحديثة اليوم، من هذا المنطلق جاء اجتهاد المؤلف لتأليف هذا الكتاب الذي بيّن من خلاله أحكام التسعير وأدلته، وذلك على ضوء أقوال الفقهاء في التسعير وأدلتهم فيه. وهدفه من وراء عمله هذا التنمية لضرورة تلمس التشريعات الاقتصادية الحديثة من كتب الفقه الإسلامي ومصنفات الأئمة في الحسبة والسياسة الشرعية. يعرض هذا الكتاب بحثاً مهماً في مسألة فقهية اقتصادية، طالما تساءل عنها الناس، ألا وهي "التسعير" فهل على الحاكم تسعير السلع أم لا؟ وقد تمّ عرض المسألة في هذا الكتاب عرضاً طيباً، حيث تناول المؤلف التسعير في الإسلام (أحكامه-أنواعه-أدلته) وجعل كتابه في فصل تمهيدي وثلاث أبواب، فمهد بالتعريف للموضوع، وأشار إلى حاجة المجتمع إلى التسعير، وتاريخ تطبيقه ومباحث التسعير وأقسامه، والتسعير في مصنفات الفقهاء، ثم تناول مخالفة مستوى الأسعار المتشكل دون تدخل الحاكم، ثم التسعير الجبري. ثم عرض لأدلة المانعين، والمبيحين. وقد عرض آراء الفقهاء في كل ذلك وأدلة كل مذهب وعزى كل قول إلى مصدره، مقارناً بين الأدلة ومرجحاً حيث أمكن ذلك. وضمن الكتاب بحثاً عن مصادر الدراسة وتحليلاً لأهمها. فجاء الكتاب ملماً بالموضوع، لطيف الحجم، غزير العلم، والخلاصة أن التسعير ليس جديداً على الفقه بل له نظائر...